طموح يصنع الإبتكار
تستعد مريم الكعبي في سن الثلاثين عاماً للحصول على براءة اختراع ثانية باسمها
اقرأ المزيدصناعة الألمنيوم تتطلب إمدادات موثوقة من الكهرباء - ومن مسؤولية طيب العوضي هو ضمان استمرارية إمدادا الطاقة في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم
ليس من المستغرب أن تبدأ محادثة مع طيب العوضي، نائب رئيس أول للطاقة، بالحديث عن كيفية استمرار شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، كشركة صناعية حيوية في دولة الإمارات العربية المتحدة، في عملياتها خلال جائحة فيروس كورونا.
ببساطة، مهمته هي التأكد من عدم انقطاع التيار الكهربائي. حيث يتطلب صهر الألمنيوم كميات كبيرة من الكهرباء، وقد يؤدي انقطاع الكهرباء لفترات طويلة إلى تعريض المصنع بالكامل للخطر. و تحقيق ذلك ليس بالأمر السهل، ويتطلب تركيزاً متواصلاً على تحسين توافر وموثوقية وكفاءة الطاقة التي تولدها محطات توليد الطاقة التابعة لشركة الإمارات العالمية للألمنيوم في جبل علي والطويلة. ويعني ذلك الاهتمام الدقيق بالتفاصيل ووضع خطط الطوارئ لكل سيناريو ممكن لضمان أن كل عنصر من عناصر عمليات الطاقة، في كلتا المحطتين، آمن.
يقول طيب: "نحن لا نخاطر". ولكن هذه المرة، لا يتحدث فقط عن أمن الطاقة. إنه يتحدث أيضاً عن فيروس كورونا، والإجراءات التي تم اتخاذها للحفاظ على سلامة أفراد وعمليات شركة الإمارات العالمية للألمنيوم.
ويتابع قائلاً: "يتم تنظيف موقعي الشركة كأنهما مستشفيان"، موضحاً: "نراعي التباعد الاجتماعي في العمل، مع إرشادات صارمة للغاية بشأن السلوك في المنزل. إنها عملية تعليمية متواصلة إذ نتعلم المزيد عن المرض".
التعليم موضوع متكرر في حياة طيب. فوالده، رجل أعمال ناجح على الرغم من أنه لم تتح له الفرصة لمتابعة تعليمه، فهو أعطى الأولوية لتعليم أطفاله الستة. وأرسلهم جميعاً في السبعينيات للدراسة في الخارج في خمس دول مختلفة.
قضى طيب ثماني سنوات في أيرلندا، حيث حصل في النهاية على درجة الماجستير في علوم الهندسة من الكلية الجامعية المرموقة في دبلن. ويقول: "لقد جعلتني التجربة أفهم ما يعنيه والدي بشأن التعليم كونه دائماً استثماراً يستحق العناء".
وبعودته إلى دبي، انضم طيب إلى شركة دوبال في عام 1991، وبدء من قسم الطاقة حيث انتقل في جميع الأقسام بما في ذلك العمليات والصيانة والمشاريع ومصنع الكربون وصيانة المسبك والصيانة المركزية والهندسة قبل أن يرتقي في نهاية المطاف إلى المدير العام لعمليات الطاقة. ثم، في عام 2014، عندما تأسست شركة الإمارات العالمية للألمنيوم كمشروع مشترك بين دوبال وإيمال، اختير طيب لقيادة محطات الطاقة في الشركة الجديدة. ومنذ ذلك الحين، شغل منصب نائب رئيس أول للطاقة، ويتولى مسؤولية توليد 5500 ميجاواط من الكهرباء في الشركة بالإضافة إلى إجراءات إنتاج المياه والهواء والجهد العالي والصيانة وغيرها من العمليات التشغيلية في محطات الطاقة لدى الشركة.
الحفاظ على إمدادات الطاقة
تشكل المعرفة التي جناها طيب على مدار سنوات الدراسة والعمل في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم أمر بالغ الأهمية لدوره اليوم، حيث يشرف على التوربينات الضخمة التي تعمل بالغاز والتي تستخدمها الشركة لإنتاج الكمية الهائلة من الكهرباء المطلوبة لتشغيل المصنع. وتنتج هذه التوربينات معاً كهرباءً أكثر من أساطيل التوليد في بعض البلدان، مثل أيرلندا أو المجر. وفي حالة الطوارئ، يمكن أيضاً تشغيل التوربينات التي تعمل بالغاز بوقود الديزل. ومع ذلك، يوضح طيب أن الديزل هو الملاذ الأخير لأنه أكثر تكلفة من الغاز وأقل نظافة بكثير.
وبالإضافة إلى خطط الطوارئ الخاصة بالوقود، يجب على طيب التأكد أيضاً من أن أي انقطاع في التيار الكهربائي يكون قصيراً قدر الإمكان. البديل هو "أسوأ سيناريو" لا يمكن تصوره. ويوضح أنه إذا فقدت الشركة الطاقة لمدة ثلاث ساعات فقط، فسيتجمد الألمنيوم المصهور في بوتقات الصهر ، مما يؤدي إلى إغلاق لمدة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر – علاوة على عمليات التنظيف الضخمة. إن مهمة طيب وفريقه هي ضمان عدم حدوث ذلك أبداً.
"نواصل التفكير دائماً في المشاكل المحتملة. فمن الممكن أن تتلقى مكالمة في الساعة 2 صباحاً، أو بعد ظهر يوم الجمعة عندما تكون في السينما مع عائلتك، حيث يجب عليك العودة إلى العمل. يتمثل دورنا في ضمان موثوقية وتوافر الطاقة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وطوال السنة، وقد حققنا نجاحاً كبيراً في ذلك. لكن هذا النجاح لم يكن سهلاً. بل تطلب الأمر الكثير من الاستثمار - في الوقت والمال على حد سواء - والعديد من تحديثات البنية التحتية".
ويكمل حديثه ضاحكاً، "يمكنك أن تتخيل كيف يشغل هذا العمل ذهني باستمرار".
عند سؤاله عن مثال على حدوث خطأ ما، يتذكر انكسار كابل رئيسي بين محطتين فرعيتين، مما سبب اختلالاً في تدفق الأحمال. على مر السنين، واجه طيب أيضًا أخطاء صمامات الغاز الرئيسية العرضية، والتي يتطلب إصلاحها تحويل الماكينات، واحدة تلو الأخرى، إلى وقود الديزل.
يقول طيب: "لكن الشيء الجيد هو أننا تمكنّا دائماً من جمع الفريق بسرعة كبيرة واستعادة الطاقة. لذا، حتى في الحالات التي فقدنا فيها الطاقة لبضع ساعات، كنا دائماً قادرين على إصلاحها بشكل فعال".
توفير الطاقة
بالطبع، من النادر حدوث "خطأ ما" في عملية تستمر 24 ساعة في اليوم على مدار العام. في الغالب، ينصب تركيز طيب المستمر على إيجاد طرق جديدة لدفع الكفاءات من خلال التقنيات المبتكرة.
فتوربينات الغاز، على سبيل المثال، تتطلب كمية كبيرة من الهواء لتشغيلها، وإذا لم يكن هذا الهواء نظيفاً، فإنه يؤثر على الأداء. وإدراكاً لفرصة تعزيز الأداء، عمل طيب وفريقه مع الآخرين في الشركة لجعلها الأولى في المنطقة التي تتحول من الترشيح أحادي المرحلة إلى الترشيح ثلاثي المراحل، وتطوير نهج محلي الصنع لـشركة الإمارات العالمية للألمنيوم اعتمده الآخرون منذ ذلك الحين.
يوضح طيب أيضاً كيف أن الهواء البارد أكثر كثافة من الهواء الساخن، وهو أفضل لأداء توربينات الغاز. خلال حرارة الصيف، يقول إن إنتاج الطاقة يمكن أن ينخفض بنسبة تصل إلى 20%. كان حله هو تثبيت نظام التبريد التبخيري الذي كان له عائد لمدة عام واحد.
كما كان الهواء النظيف والصيانة الجيدة من العوامل التي أدت إلى تغيير قواعد اللعبة طوال عمر شفرات التوربينات الضاغط الخاصة بالشركة. لقد نجحت شركة الإمارات العالمية للألمنيوم في تمديد فترة صيانة التوربينات الغازية مما أدى إلى توفير أكثر من 24 مليون دولار خلال العقد الماضي.
ومن الابتكارات الرائعة الأخرى الموفرة للطاقة والأموال من قسم الطاقة في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، إنتاج المياه من أحد التوربينات. حيث تنتج التوربينات الغازات الساخنة، التي تستخدم في البلدان الباردة للتدفئة. ولكن نادراً ما توجد حاجة (إن وجدت) للتدفئة المركزية في دولة الإمارات، لذا، وبدلاً من ذلك، تحول شركة الإمارات العالمية للألمنيوم هذه الغازات الساخنة إلى بخار، ومنه تنتج الشركة الماء النقي، وتباع كمية صغيرة منه إلى الشركات المصنعة للسكر والعطور والصناعات الصحية والطبية، ثم يغمر ما تبقى من الماء النقي بالمعادن ويتم تنظيفه لإنتاج نحو 30 مليون جالون إمبراطوري من مياه الشرب يومياً.
أحد الأساليب المبتكرة التي تم تنفيذها في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم هو استخدام ثمانية أطنان من البخار في الساعة في "مبردات الامتصاص"، التي تبرد مبنى المكاتب المكون من ثلاثة طوابق لقسم تحلية المياه.
نقل الخبرات
يتحدث طيب بكل فخر عن هذه الإنجازات وفرصة مشاركة معرفته وخبرته الكبيرة في الواقع، فهو يعمل في عدة لجان، بين شركة الإمارات العالمية للألمنيوم ومرافق الطاقة. ومن هذه الرغبة في مشاركة المعلومات، يلاحظ أن عمل قسم الطاقة في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم "تقني بحت لأننا لا نبيع الطاقة، لذلك نحن لسنا منافسين. تقوم اللجنة التوجيهية بعمل رائع. إنهم يتقدمون دائماً بخطوتين، فهم يفكرون لعشر سنوات مقبلة، ولديهم رؤية للمستقبل، وتعلمنا الكثير من بعضنا".
بالإضافة إلى اللجنة التوجيهية، عمل طيب أيضاً كعضو نشط في مشروع مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، ولديه الكثير ليقوله عن إمكانات الطاقة الشمسية: "لقد انخفضت التكلفة بشكل كبير في السنوات العشر الماضية، لذلك تحولت العديد من الصناعات إليها. ويتمثل عيبها في عدم توفرها إلا عند وجود الشمس، فماذا تفعل بعد غروب الشمس؟ في دولة الإمارات، ينخفض الحمل كثيراً في الليل، وهذا يناسب صناعة الطاقة الشمسية.
لكن شركة الإمارات العالمية للألمنيوم تعمل على مدار 24 ساعة ولا يمكنني الاعتماد عليها. إذا قمت بتشغيل توربينات الغاز الخاصة كل ليلة ثم أوقفت تشغيلها مرة أخرى في اليوم التالي، فهذا ليس حلاً مجدياً لأنه سيحتاج إلى صيانة أكثر".
ومع ذلك، يقول أن ذلك قد يتغير قريباً، مشيراً إلى ظهور تقنيات الطاقة الشمسية المركزة التي تنتج البخار الذي يمكن أن يكون متاحاً على مدار 24 ساعة: "إنها أكثر تكلفة من الغاز، ولكن سيأتي اليوم الذي تكون فيه هذه التقنية أرخص وستكون فعالة لشركة الإمارات العالمية للألمنيوم". وعندما سئل متى قد يأتي ذلك اليوم، تنبأ بجرأة: "أراه يحدث في السنوات الخمس المقبلة، هذه رؤيتي".
نقل العمل للمنزل
من الواضح أن طيب متحمس لعمله. ولكن إذا كان هناك أي شك، فما عليك سوى الاطلاع سريعاً على سيرته الذاتية، التي تظهر فيها "القراءة" و "المشاركة في تدابير تحسين الطاقة" على أنها هواياته.
وعند سؤاله عما إذا كان من النوع الذي يعود إلى المنزل ويطفئ الأضواء غير الضرورية، يقول: "للأسف، أنا ذلك الشخص. عندما كان أطفالي أصغر سناً، كنت أخصم مصروفهم لتركهم الأضواء مضاءة ومنحهم مكافآت لإطفائها. ولقد فهموا بسرعة لغة المال، كما شجعتهم على العادات الجيدة".
ويدفعه ذلك إلى تذكر الوقت الذي قام فيه هو وابنه بتركيب سخان مياه بالطاقة الشمسية للحمامات في منزل العائلة: " كان ابني فخوراً جداً بذلك، ولكن كان علي أن أعلمه أن العائد كان سبع سنوات وأن العائد على الاستثمار يجب أن يكون من ثلاث إلى خمس سنوات. لكنني أخبرته أنه مشروع عظيم ومشروع تتعلمه على مدى الحياة. لقد جعله يفهم كيف التعامل مع المشاريع وكيفية حساب معدلات الاستثمار للعائد وهو في الصف 11. سنقوم لاحقاً بمقارنة فواتير خدمات هيئة كهرباء ومياه دبي وإجمالي تكلفة المشروع لتقييم كيفية أداء استثمارنا في المشروع".
وأخيراً، يتأمل طيب سبب بقائه في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم لما يقرب من 30 عاماً: "لديك فرصة للازدهار والنمو هنا. في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، يتم احترام الأفكار، خاصة من الإدارة. يجب على كل من يضيف قيمة إلى العمل أن يرتقي السلم. لا أحد يذهب مباشرة إلى الإدارة من الخارج. نحن نحترم أيضاً القيم الثقافية لبعضنا ونعتني بموظفينا، فلدينا جميعاً عائلتان - عائلة في المنزل والأخرى هنا تسمى شركة الإمارات العالمية للألمنيوم".