تغلب على الحرارة بجدارة
يشرب محمد البِشر في اليوم الواحد معدل أربعة لترات من الماء، أو حوالي 25 كوباً
اقرأ المزيداحتفالاً بيوم المرأة الإماراتية، نجيبة الجابري توضح كيفية نجاحها في العمل دون التضحية بوقتها مع عائلتها
تبرز شركة الإمارات العالمية للألمنيوم كأكبر منتج للألمنيوم عالي الجودة في العالم وأكبر شركة صناعية في دولة الإمارات خارج قطاع النفط والغاز، الأمر الذي يعني أن موظفي شركة الإمارات العالمية للألمنيوم يتحملون مسؤولية كبيرة. حيث تعتمد العديد من القطاعات الصناعية، مثل السيارات و البناء، في دولة الإمارات وحول العالم على شركة الإمارات العالمية للألمنيوم لتوفير المعدن الذي تحتاجه لصناعة منتجاتهم التي تجعل الحياة العصرية ممكنة. و لذلك تعمل شركة الإمارات العالمية للألمنيوم يومياً وعلى مدار الساعة.
و تهدف شركة الإمارات العالمية للألمنيوم إلى تعزيز التوازن الصحي بين العمل والحياة، بحيث يتمكن كل الموظفين من تكريس الوقت والطاقة لكل من وظائفهم وعائلاتهم.
تتمثل المرأة بعدد متزايد من هؤلاء الموظفين، فنسبة المرأة في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم تبلغ 17% من جميع الموظفين في المواقع الإشرافية، كما تشكل الإناث غالبية الخريجين في العديد من المجالات المتعلقة بالعلوم والهندسة والتكنولوجيا والرياضيات في الجامعات الإماراتية. فمنذ تأسيس دولة الإمارات في العام 1971، دعمت القيادة تمكين المرأة وريادتها في شتى المجالات لتصبح شريكة للرجل في عملية التنمية التي تشهدها الدولة .
كأم لثلاثة أطفال وواحدة من أبرز المسؤولين في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، تؤكد نجيبة الجابري، نائب الرئيس للتقنية، عمليات الإنتاج، أن تحقيق التوازن الصحي بين العمل والحياة ليس بالأمر السهل دائماً، كما تبين إن جائحة فيروس كورونا المستجد أظهرت إمكانية تفعيل العمل المرن في بعض الوظائف، وتقول: "أنا مهندسة كيميائية، وقبل الجائحة، لم يتخيل لأحد أن بإمكاني العمل من المنزل. ولكن بعد ذلك، ومع إغلاق المدارس، أصبح من اللازم علينا جميعاً أن نتكيف مع الوضع الجديد - رجالًا ونساءً - حتى نتمكن من القيام بوظائفنا وأن نكون مع أطفالنا. وقد أتاحت شركة الإمارات العالمية للألمنيوم ذلك من خلال اعتماد ساعات عمل مرنة وتوفير الأدوات المناسبة للقيام بذلك بنجاح".
دعت القيود والتدابير المفروضة لمنع انتشار الفيروس، الشركات في جميع أنحاء العالم إلى إعادة تقييم أسبوع العمل التقليدي وإعادة هيكلته للسماح بمزيد من المرونة والتوازن - خاصة للآباء.
وتؤمن نجيبة بأنه إذا استمر هذا التغيير، فإن الشركات لديها القدرة على إطلاق مجموعة ضخمة من المواهب غير المستغلة، فهناك الكثير من المتعلمين والموهوبين - وخاصة الأمهات - في دولة الإمارات ممن لا يتمتعون بإمكانية الوصول إلى الفرص المناسبة لأنهم مقيدون بساعات العمل التقليدية، فساعات العمل المرنة ستفتح العديد من الفرص.
ترسيخ الاسم
وإذا بدت نجيبة الجابري شغوفة بتمكين المزيد من النساء لتحقيق النجاح في سوق العمل في دولة الإمارات، فذلك لأنها تحب عملها. أثناء دراستها للهندسة الكيميائية والبترولية في إحدى جامعات الدولة، قامت بعملها في شركة دبي للألمنيوم (دوبال) في جبل علي، حيث تقول "وقعت على الفور في حب عمليات الصهر، لقد كانت هندسة كيميائية بحتة، وهذا بالضبط ما درسته".
وبفضل درجاتها العالية، سنحت لها فرصة البقاء في الأوساط الأكاديمية، إلا أن عقلها حسم موقفها. تقول: "كان لدي شغف وأردت العمل في هذا المجال، لذلك اخترت العمل مع دوبال".
وفي دوبال، بدأت نجيبة في قسم تطوير التكنولوجيا - كمهندس مشروع، حيث عملت على تصميم خلايا اختزال جديدة وحل التحديات التقنية المعقدة. وفي عام 2004 تم نقلها إلى خط الإنتاج رقم 9، لتصبح أول امرأة تعمل كمهندسة عمليات في صناعة الألمنيوم في منطقة الشرق الأوسط.
توضح نجيبة: "ينطوي العمل ضمن فريق العمليات على أن تكون متاحاً على مدار 24 ساعة في اليوم، مع تحمل قدراً كبيراً من المسؤولية. يجب أن تكون قادراً على إدارة فريق تحت الضغوطات، والحفاظ على المعدات والتعامل مع حالات الطوارئ".
عند انضمامها إلى فريق العمليات، سرعان ما انخرطت في بدء تشغيل خط الإنتاج رقم 9، حيث تتذكر نجيبة بأنه "من أسرع العمليات وأكثرها سلاسة على الإطلاق". في الواقع، كانت البداية ناجحة للغاية، وبمجرد اكتمالها في عام 2006، تمت ترقيتها إلى مدير العمليات للإشراف على 50٪ من إنتاج دوبال.
ومع ذلك، ووفقاً لنجيبة، فإن أكبر تحدٍ لها ولحظة تحديد مسيرتها المهنية جاءت في العام 2008، بعد حادثة تطلبت إعادة تشغيل أكثر من ثلث خطوط الإنتاج.
وقد كان من المفترض أن تستغرق إعادة التشغيل ستة أشهر ولكن، تحت قيادتها، تم الانتهاء منها في ثلاثة أشهر فقط.
إن إكمال مثل هذا المشروع الضخم في نصف الوقت المتوقع تطلب من الجابري وفريقها "العمل حرفياً على مدار 24 ساعة في اليوم"، كما تقول. "كان لدي حقيبة نوم في مكتبي ولم أغادر المبنى مرة واحدة خلال أول أسبوعين. انصب تركيزي فقط على إعادة تشغيل الخط الأول. لم يكن لدي أي أفكار أخرى سوى إعادة المصنع إلى مساره الصحيح".
وتشدد نجيبة على أن هذا المستوى من الالتزام كان "خياري". وتقول: "لم يجبرنا المسؤولين على القيام بذلك، لكنني أردت أن اتمسك بدوري. لقد وضعوا ثقة كبيرة بي وكانوا فخورين للغاية عندما أعدنا التشغيل، يمكنهم أن يروا هذا النجاح على مدار أيام وأسابيع".
خلق التوازن
في العام 2010، وبعد أن رسخت اسمها في الصناعة، تزوجت الجابري وقررت اتخاذ مسار مختلف. وتقول: "كنت أرغب في تكوين أسرة، لذلك قررت أن أعمل في مجال النفط والغاز لأنني اعتقدت أنه قد يكون أقل تطلباً. ولكن بعد ذلك تم إرسالي إلى تركمانستان كمهندس ميداني، لذلك لم يكن الأمر أسهل".
وهذه الخطوة لن تتطلب منها فقط الابتعاد عن الوطن، بل القيام بذلك أثناء الحمل، ومن خلال كل ذلك، أدركت أنها "لا تزال بإمكانها إنجاز المهمة".
وفي العام 2013، طُلب من نجيبة العودة إلى شركة الإمارات العالمية للألمنيوم للإشراف على بدء تشغيل خط الإنتاج 3 - والذي كان يعد الأطول في العالم حينها - في موقع الشركة في الطويلة في أبوظبي.
انتهزت نجيبة الفرصة وعادت إلى شركة الإمارات العالمية للألمنيوم كمدير أول، حيث تقول: "لقد كانت مهمة صعبة للغاية ولكنها سطرت قصة رائعة أيضاً، فقد تمكنت من إتمامها قبل ثلاثة أشهر من الموعد المحدد، متجاوزة جميع مؤشرات الأداء الرئيسية الخاصة بي".
وبالطبع، انطوى هذا العمل على العديد من التنازلات، حيث توضح: "عليك أن تقدم كل ما لديك، ولكن في ذلك الوقت، كانت ابنتي تبلغ من العمر عامين، لذلك تركتها مع أمي، فبهذه الطريقة، استطعت التركيز بشكل كامل على العمل والبقاء طوال الوقت في الموقع. وكنت أرسل مقاطع فيديو لابنتي حتى تتمكن من رؤية عملي، وقد جعلها ذلك مهتمة حقاً بما حققته، أما الدعم والمشاركة التي لمستها من عائلتي بأكملها فكانت رائعة جداً".
وكان زوجها خير معين لها، حيث توضح: "التقينا في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، لذلك فهو على دراية وفهم للعمل وقدم لي الكثير من الدعم، وهو ما ساعدني على التركيز".
لدى نجيبة الآن ثلاثة أطفال، جميعهم دون سن العاشرة. ومثل العديد من الآباء العاملين الآخرين، فهي تكافح لتحقيق التوازن بين الوقت الذي تخصصه لعملها ووقت أسرتها. وتقول: "استهدف الوقت الهام حيث أسعى أن أكون هناك من أجلهم، فمع أكبرهم، نذهب إلى السينما مرة واحدة في الأسبوع، أو حالياً نشاهد فيلماً في المنزل معاً، أتحدث معها وأتعرف عمّا تحتاجه مني. أما أصغرهم، فأتأكد دائماً من وجودي هناك لقص رواية ما قبل النوم ليلاً، لأنني لا أراها في الصباح حيث أصل إلى المكتب دائماً بحلول الساعة 6:30 صباحاً".
فنجيبة يجب أن تكون في عملها مبكراً للإشراف على الاجتماع اليومي لفريقها في الساعة 7 صباحاً، حيث يقدم لها فريق العمل الليلي آخر التطورات اللازمة لبدء يومها والتخطيط له. وتشرح قائلة: "أنا مسؤولة عن جميع الأمور التقنية المتعلقة بـصهر الألمنيوم، لذا أحتاج إلى معرفة أي حالات غير طبيعية ومعرفة ما يحتاج إلى أن أركز عليه".
تنسب نجيبة كفاءتها إلى ما يسمى بـ "الثورة الصناعية الرابعة" أو "الصناعة 4.0"، والتي أدخلت تقنيات وطرق عمل جديدة تعتمد بشكل كبير على الترابط والأتمتة والتعلم الآلي والبيانات في الوقت الفعلي.
وتقول: "أعتمد بشكل متزايد على حلول الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتحديد المشكلات المحتملة قبل حدوثها، فهذه الأدوات مفيدة جداً لصناعتنا، إنها ترفع من كفاءة عملي وبالتالي تفيد الشركة وتقضي على الكثير من الأعمال الإدارية، وهذا الأمر مهم حيث لا أجد نفسي منهكة من الوظائف الروتينية في نهاية اليوم، ما يضفي مزيداً من القيمة ويجعلني أصل إلى المنزل بحلول الساعة 4 مساءً بعد البداية المبكرة".
إن نجاح نجيبة، سواء في العمل أو في المنزل، يشكل أيضاً مصدر إلهام للنساء الأخريات - على وجه التحديد، إلى 23 امرأة يعملن كمهندسات في قسمها، واللاتي يعتبرنها نموذجاً يحتذى به. وتقول نجيبة: "إن تقديرهم يعني لي الكثير ويجعلني أرغب في الاستمرار في القيام بعمل أفضل يجعلهن أكثر فخراً بي".
سواءً للنساء أو الرجال، تأمل نجيبة أن تكون مثالاً لما يمكن تحقيقه، ، عندما تعمل بجد ولا تقبل بأقل من أفضل ما لديك. وتصر على "نحن [النساء] لا نريد أن نُعامل على أننا استثناء"، نريد أن نثبت جدارتنا بالوظيفة، ولهذا أحب العمل هنا. لدى شركة الإمارات العالمية للألمنيوم نفس القواعد للجميع، لا يوجد وقت سهل، فالعمل تنافسي ويستند النجاح فيه إلى تحقيق عمل رائع، وهذا ما يجعلنا فخورون بتحقيقه".
وبالنظر إلى المستقبل، تعتقد نجيبة أن "الصناعة 4.0" لن تواصل فقط في فتح الفرص أمام النساء الموهوبات، ولكن أيضاً للجيل المقبل من العالميين البارعين في مجال التكنولوجيا. وتقول: "لا يمكننا البقاء على حالنا، نحن بحاجة إلى مواصلة الابتكار ومن خلال القيام بذلك سنستقطب أفضل العقول في الدولة".
وللمساعدة في الاستعداد لهذا المستقبل والمساهمة فيه، التحقت نجيبة لنيل درجة الدكتوراه في جامعتي أوكلاند ونيو ساوث ويلز لدراسة كيف يمكن للبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي تحسين عمليات المصاهر. وفي غضون ذلك، تستمد الإلهام من نماذج مشرفة، مثل معالي ريم الهاشمي، وزيرة الدولة للتعاون الدولي، والتي قاطع ابنها الصغير مؤتمرها رفيع المستوى الذي عقدته مؤخراً عن بُعد في الأمم المتحدة، ما دفع الحضور من قادة العالم إلى الضحك.
وتقول نجيبة إن رؤية مثل هذا القبول الواضح للأم العاملة وعلى أعلى المستويات في المجتمع الدولي يذكرني بأننا [النساء والأمهات] سنحقق أحلامنا، عندما نتطلع إلى الأشخاص الرائعين في دولة الإمارات، وهنا في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم، نتطلع لقيادتنا للمستقبل وجعل شركتنا مكاناً رائعاً للعمل، لأي شخص يتمتع بالموهبة".