بناء اقتصاد قائم على المعرفة
يروي لنا مهندسو "الإمارات العالمية للألمنيوم" قصة مشاركتهم في أول عملية نقل على المستوى الدولي للتكنولوجيا التي تم تطويرها في دولة الإمارات العربية المتحدة
اقرأ المزيدتعد شركة الإمارات العالمية للألمنيوم المورد الأساسي للألمنيوم عالي الجودة في الولايات المتحدة. عادل أبوبكر، إماراتي يعمل في شركة الإمارات العالمية للألمنيوم ومقيمٌ في ميسوري، يشاركنا تجربته ودوره في قيادة فريق عمل على توسيع نطاق الشركة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
في معظم أيام الأسبوع، وحين لا يتطلب من عادل السفرَ بدافع العمل، فإنه يتوجّه إلى مكتبه المتواضع والواقع بالقرب من بحيرة جميلة وحديقة رائعة وسط مدينة سان لويس بولاية ميسوري. ويختبئ خلف خبايا هذا الموقع الدور الهام الذي لعبه عادل وفريقه في قصة "شركة الإمارات العالمية للألمنيوم" وفرعها بالولايات المتحدة. ففي العام الماضي، زوّدت شركة الإمارات العالمية للألمنيوم- أمريكا حوالي 500,000 طن من الألمنيوم عالي الجودة إلى شمال أمريكا، أي حوالي خُمس مبيعاتها العالمية.
وما يجعل هذا الرقم في غاية الأهمية والإثارة هو المنافسة القائمة بين المصاهر في الولايات المتحدة وبقية المصاهر حول أنحاء العالم، حيث لا ننسى التحديات والجهود المتطلبة لشحن المنتجات من بداية انطلاقها من مصاهر "شركة الإمارات العالمية للألمنيوم" في أبوظبي ودبي.حتى تصل إلى وجهتها في مسافة تعادل نصف العالم.
تولى عادل منصبه في الشركة منذ عام 2012، وهو مسؤول عن إدارة جميع العمليات اليومية لشركة الإمارات العالمية للألمنيوم- أمريكا في شمال الولايات المتحدة.
ويمازح قائلًا أنه يعني بـ"جميع العمليات" كل شيء بالفعل. ويضيف: "لدي فريق صغير ذو أداء عالي، مكونٌ من 25 موظفًا ضمن هيكلية تنظيمية مسطحة. وهذا يعني أنني مسؤول عن شؤون الموظفين وتكنولوجيا المعلومات وغيرها من المهام، ولا أمانع بل اعتبرها الطريقة الأنسب للتعلّم، ولقد استمتعت بهذا التحدي".
تطوّر عادل بشكل كبير منذ انضمامه لشركة "دوبال" عام 2006 كمدير أول في تطوير الأعمال لمشاريع مصاهر الألمنيوم الجديدة. ويشرح عن ذلك التحوّل من قطاع البنوك إلى الصناعة قائلًا "بعدما قضيت حوالي العشر سنوات في عالم البنوك، لم أعد أستمتع بعملي هناك، لاسيما أن العمل بشكل مستمر مع الأوراق النقدية لم يعد مثيراً للاهتمام". ويكمل: "حالفني الحظ لنيل تلك الوظيفة في "دوبال" التي اقترحها صديقي في ذلك الحين وأخبرني أنهم كانوا يبحثون عن مدير فريق. استمتعت بالعمل هناك عام 2006، وبالتحديات والديناميكية التي تمتّعنا بها. كما شاركت بتطوير مصهر "الطويلة"، والذي كان يعرف في ذلك الحين بمصهر شركة "الإمارات للألمنيوم (إيمال) ".
أضاف عادل حول مشاركته بشكل مباشر في إنشاء شركة "الإمارات للألمنيوم" (إيمال) في أبوظبي، ولاحقاً تأسيس "شركة الإمارات العالمية للألمنيوم": "تعلّمت كيفية التعامل مع الأشخاص في المناصب العالية على المستوى الحكومي. وعملت جاهداً على بناء الفرق واستلمت مناصب غير محددة تماماً، إلا أنها شكّلت تحديات شيقة لي. وكان من أبرز الأمور المجزية إنشاء "شركة الإمارات للألمنيوم" و من ثم"شركة الإمارات العالمية للألمنيوم"، كما إنني لا زلت على تواصل مع الأشخاص الذين ساهموا في المحادثات حول دمج هاتين الشركتين".
لاحقًا في عام 2010، انضم عادل إلى قسم التسويق والمبيعات وحصل على تفويض للأمريكتين. "كان سوق الولايات المتحدة صغيرًا بالنسبة لنا حينها، فعملت على تطويره، وكنا في ذاك الحين دخلنا أمريكا الجنوبية للمرة الأولى. وطُلب مني بعد عام من هذه العملية استلام بعض الأعمال في أوروبا، وهذا ما قمت به لبضعة سنوات".
إلا أن انجذاب عادل لما يشكّله سوق الولايات المتحدة من فرص دفعه للتفكير بأن فرق التوقيت والبعد الجغرافي يتطلّبان الجهد الإضافي. "دفعني طموحي للتفكير بالتطوّر الذي في إمكاننا إحداثه في الولايات المتحدة. فاقترحت ان أنتقل للعيش هناك كي نعزّز مساهمتنا في السوق، وهذا فعلًا ما حصل بعد موافقة الإدارة في عام 2012، وبادرت في تشكيل الفريق".
قاعدة دائمة
بعدما استغرق بناء الفريق الرئيسي عامين، تم افتتاح المكتب في عام 2014. وشكلت مبيعات الولايات المتحدة حينها أقل من خمسة في المئة من مبيعات "شركة الإمارات العالمية للألمنيوم" في جميع أنحاء العالم، قبل أن يرتفع الرقم بخمسة أضعاف حتى اليوم. وتعدّ "شركة الإمارات العالمية للألمنيوم" اليوم المورد الأفضل في الولايات المتحدة من حيث الجودة العالية والسمعة الطيبة في ما يتعلّق بالخدمة والموثوقية، الأمر الذي طرح التساؤل حول كيفية تحقيق هذه البصمة الفريدة بوقت قياسي.
يجيب عادل إنه "مزيج من العوامل المختلفة"، مضيفًا: "كان علينا أن نعمل على الهيكلة، فبعدما وظّفنا فريقنا الخاص وافتتحنا مكتبنا، كان علينا أن نتكيّف. وحصلنا على المواد التي تم طلبها من الإمارات مسبقاً في غضون 90 يوماً، لذا دعيت الرئيس التنفيذي في عام 2014 للقاء جميع عملائنا الرئيسيين وهذا بالفعل ما حصل. وافق بشكل سريع على حاجتنا لمخزون على أرض الواقع، لذا لدينا الآن حوالي 15 مستودعًا في جميع أنحاء الولايات المتحدة لمساعدتنا على تلبية احتياجات عملائنا بكفاءة أعلى. "
يؤدي وجود تلك البنية التحتية في مكانها المناسب إلى تركيز عادل وفريقه على خدمة العملاء بأفضل طريقة ممكنة. "نقوم بتخطيط أبعد بكثير من معظم الموردين التقليديين. فعلينا أن نكسب ثقة زبائننا وأن نتقرّب منهم لنعرف ماذا يريدون، بالإضافة إلى فهم السوق".
لم يضطّر عادل لإقناع العملاء بمميزات الألمنيوم التي تملكه "شركة الإمارات العالمية للألمنيوم". ويوضح: "جودة معادننا هو مفتاح نجاحنا ".والعديد من هؤلاء العملاء شركات في سلاسل التوريد للقطاعات المهمة كصناعة الطيارات والسيارات. بالإضافة إلى العلامات التجارية المعروفة عالمياً التي تستخدم معدن الإمارات العالمية للألمنيوم في صناعة منتجاتها والبنية التحتية التي تعتمدها في جميع أنحاء العالم.
تزوّد "شركة الإمارات العالمية للألمنيوم" الولايات المتحدة بالألمنيوم ذات الجودة العالية، وتنافس على جودة المعدن والموثوقية أكثر من السعر. "لسنا خارج المنافسة، لكن أسعارنا تعتبر الأفضل مقارنةً بالجودة التي نقدمها، علمًا بأنه لا يمكن لمعظم المصنّعين إنتاجها لمدة طويلة، وهذا ما يجعلها باهظة الثمن. وبعض الشركات المحلية يمكنها منافستنا من ناحية التعرفة حاليًا، حيث فرضت حكومة الولايات المتحدة ضريبة بنسبة 10 في المئة على معظم واردات الألمنيوم خلال عام 2018".
وبعد سؤاله عن نجاح شركة الإمارات العالمية للألمنيوم- أمريكا عاد عادل للتحدّث عن الموثوقية والتميّز، وهما عاملان ينبعان من استثمارات "شركة الإمارات العالمية للألمنيوم" المستمرة في التقنيات الحديثة وتركيز الشركة على الأداء على المدى الطويل بدلاً من النتائج الفصلية المتضخمة."
"وتبرز أهمية ذلك في سوق الولايات المتحدة بشكل كبير في ظل عدم بناء أي مصهر جديد منذ حوالي 50 عامًا. حيث أن البحث المستمر حول أحدث التقنيات وكفاءة الطاقة، يولّدان العديد من المشاكل والمصاعب".
يتحدّث عادل عن إعجاب زبائنه بالتباين الذي شهدوه خلال رؤية منشآت جبل علي في دبي والطويلة في أبوظبي. “برغم الصعوبة الفائقة في السوق حاليًا، إلا أن "شركة الإمارات العالمية للألمنيوم" تواصل الاستثمار بمستقبلها. ويتضح ذلك حين يأتي عملاءنا لرؤية المنشآت الخاصة بنا في الإمارات، فيعلمون أننا نمتلك العديد من الاستثمارات والتحديثات، وبالطبع، يريدون أن يبنوا علاقة مع علامة تجارية معروفة بالجودة العالية، كعلامتنا التجارية".
الحياة في الولايات المتحدة الأميركية
يستمتع عادل بحياته إلى جانب عائلته في الولايات المتحدة الأمريكية. ويقول: "أولادي معي هنا، وهم يتقنون اللكنة الأمريكية التي اعتادوا عليها كسائر الأولاد هنا. ومن أبرز مهامنا كأهل وعائلة إبقاء الروابط المتينة بين أولادنا والثقافة الإماراتية، علمًا أننا نزور موطننا باستمرار".وأضاف: "أما هنا، فنحب النشاطات في الهواء الطلق كالتنزّه في الطبيعية وغيرها من الأمور".
ويصف عملاءه كـ"ناس مرحّبين وطيبين" يحب العمل معهم. يقول بابتسامة أنهم "يتمتّعون بالوضوح ويقولون الأشياء كما هي. سوف يخبرونك مباشرة إن أعجبهم أم لم يعجبهم أي شيء، والاعتياد على ذلك يتطلّب بعض الوقت، كونه يختلف عن ثقافتنا المحلية في الإمارات. إلّا أنني اعتدت على ذلك وتعلّمت أن أعجب به أيضاً – أليس من الرائع أن تعلم ماذا يفكّر به الآخرون!".
من ناحية أخرى، الأهم هو أن الأعمال تسير على ما يرام. "حين حصلت على خطة عام 2020 من المقر الرئيسي، فكّرت جليًا بكيفية التوصّل إلى هذا الرقم. لكن التعليمات تصلنا وعلينا أن نسعى لتحقيق هدفنا".
كما يضيف: "بالنهاية، يتعلّق الأمر بقيم العلامة التجارية التي عمل الجميع على بنائها في "شركة الإمارات العالمية للألمنيوم". فهي تتمتّع بالسمعة الطيبة والجودة العالية، التي تجذب العملاء إليها، وهذا في غاية الإيجابية بغض النظر عن أوضاع السوق على المدى القصير".