لا حدود للسماء
حين تنظر "وفاء الكاز" إلى السماء أو البحر أو المناظر على الطريق، فهي لا ترى سوى شيءٍ واحدٍ وهو "الألمنيوم".
اقرأ المزيديعمل سيباستيان رينيو في شركة غينيا ألومينا على تطوير أحد أكبر مشاريع موازنة التنوع البيولوجي في العالم
يعيش سيباستيان رينيو وعائلته في مدينة لابي الصغيرة الواقعة في مرتفعات غينيا وسط طبيعة خلابة وغنية بالنباتات والحيوانات.
قضى سيباستيان وهو فرنسي الأصل معظم حياته في دول غرب أفريقيا، ويعيش مع زوجته وطفليه، فتاة في العاشرة وصبي في الخامسة، اللذين يتلقيان تعليمهما في المنزل.
تعيش عائلة رينيو في تناغم مع البيئة المحيطة بهم، حيث يمارسون أنشطتهم اليومية مثل الحصول على المياه من البئر المجاور لمنزلهم، والتعرف على أنواع الضفادع في الجداول المائية القريبة، والبحث عن فصائل حيوانات جديدة، ويعتمدون في نظامهم الغذائي على المحاصيل الموسمية التي تُزرع محلياً بوجه عام.
وعلق سيباستيان على ذلك فقال: "نأكل الأفوكادو كل يوم لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر، ثم نتناول المانجو عندما يحين موسمه. كما نحصل أيضاً على أناناسٍ ضخمٍ ولذيذ لا يمكن العثور عليه في أي مكان آخر. وتلقت ابنتي تدريباً بسيطاً لدى خباز محلي يصنع كل شيء بيديه، وتعلمت كيف تخلط العجين وتصنع الخبز الطازج".
عمل سيباستيان في العديد من الدول منها سويسرا والمملكة العربية السعودية وتايلاند وحوالي 25 دولة أفريقية، ويقول إن الخروج من باب منزله الأمامي في غينيا يشعره وكأنه يخطو إلى الماضي.
تعد مدينة لابي مركزاً ثقافياً ودينياً. ويولي سيباستيان أهمية كبيرة للحفاظ على التقاليد وجوهر غينيا الطبيعي، ما يدفعه للعمل على المشروع الذي يتولاه في منطقة غنية بالتنوع البيولوجي بفضل الغابات والسافانا والتي يتم استخدامها بالفعل لأغراضٍ متعددة تشمل الرعي والزراعة.
ويعمل سيباستيان بجد في شركة غينيا ألومينا بالرغم من إقامته على بُعد مسافة طويلة تستغرق أكثر من 10 ساعات من مقر الشركة في مقاطعة بوكي.
وبحكم دوره كمدير موازنة التنوع البيولوجي، سيباستيان مسؤول عن تطوير محمية موين - بافينغ الوطنية بمنطقة لابي والتي تقدر مساحتها بـحوالي 6,767 كيلومتراً مربعاً وتعيش بها قرود شمبانزي غرب أفريقيا.
يعتبر مشروع موازنة التنوع البيولوجي في موين - بافينغ من أكبر المشاريع الطموحة في العالم، وهو خطوة مهمة نحو الحفاظ على قرود الشمبانزي وتصميم موازنة التنوع البيولوجي وتنفيذه. وتتعاون شركة غينيا ألومينا في هذا المشروع مع شركة بوكسيت غينيا الحاصلة على ترخيص للتعدين في منطقة مجاورة في بوكي.
يعيش بالمنطقة أكثر من 20,000 شخص ويواجه سيباستيان وفريقه تحدياً في بناء محميةٍ طبيعية ذات تدابير متطورة لحماية الحياة البرية مع تحقيق الاستفادة للسكان المحليين في نفس الوقت. ويعد موين - بافينغ متنزهاً فريداً من نوعه في أفريقيا لأسباب متعددة، منها مشاركة قطاع التعدين في إنشائه والتركيز على حماية قرود الشمبانزي، بالإضافة إلى منح الأولوية للمجتمعات المحلية التي تعيش على أرضه.
وأضاف سيباستيان: "قرود الشمبانزي فصيلة مهمة ورائعة في موقع التعدين التابع لشركة غينيا ألومينا. ونتطلع أن تؤدي نشاطاتنا في قطاع التعدين في غينيا إلى تعزيز أعدادها في الدولة. نلتزم بذلك لتلبية مسؤوليتنا تجاه البيئة المحيطة بأعمالنا وبصفتنا شركة مسؤولة بموجب معايير أداء مؤسسة التمويل الدولية ومنها معيار رقم 6 الخاص بالحفاظ على التنوع البيولوجي".
واستطرد بقوله: "لقد عاشت قرود الشمبانزي في منطقة بوكي جنباً إلى جنب مع البشر لعدة قرون، وتقاسموا الأرض والموارد".
تتخذ شركة غينيا ألومينا تدابير شاملة لحماية موطن قرود الشمبانزي وتوسيعه والتي تعتمد على العمل مع المزارعين المحليين لتطوير تقنيات أكثر كفاءة تتطلب مساحة أقل من الأراضي واستبدال أسلوب قطع وحرق الغابات من أجل الزراعة واستدامة طبقات المياه الجوفية في مواقع التعدين للحفاظ على الغابات الرواقية؛ فضلاً عن إعادة تأهيل المساحات بعد انتهاء عمليات التعدين لاستعادة أنواع النباتات المحلية التي تتغذى عليها قرود الشمبانزي. ومع ذلك، فإن ارتفاع عدد السكان وتزايد النشاط بوجه عام قد يؤثر على البيئة الطبيعية لهذه الحيوانات.
وقال سيباستيان: "نحن نراقب باستمرار أعداد قرود الشمبانزي في بوكي وموين - بافينغ. قد لا تتمكن هذه القرود التي تعيش في المنطقة من التكاثر مع تزايد المنافسة للحصول على ترخيص التعدين من قبل العديد من الأشخاص الذين تجتذبهم الفرص الاقتصادية. لذلك نعمل من أجل أن تكون محمية موين - بافينغ الوطنية بيئةً مثاليةً لها".
"قد يرى البعض أن ممارسات الموازنة متناقضة أو حتى غير أخلاقية، كما قد تُفسر على أنها ترخيص للعمليات الصناعية التي تسهم في إزالة البيئات الطبيعية لحيوانات معينة. إلا أننا طورنا ممارسات صارمة تشمل كل من يعمل في شركة غينيا ألومينا لضمان تقليص هذه التأثيرات إلى الحد الأدنى. تتعلق عملية الموازنة باستعادة التوازن بين السكان والنظام البيئي المتمثل في قرود الشمبانزي على نطاقٍ أوسع وتحسينها، فكلاهما يتمتع بالحق في العيش برخاء".
يعمل فريق سيباستيان الآن على تغيير الممارسات الزراعية وغيرها من الممارسات الاقتصادية التي يتبعها من يعيشون في كل من بوكي وموين - بافينغ لتحسين مستوى المعيشة وتخفيف الآثار السلبية لبعض الأنشطة التي يمارسونها على الحياة البرية والمناطق الطبيعية. وتتولى إحدى المنظمات الدولية غير الحكومية مسؤولية التوجيهات التنفيذية التي يشرف عليها سيباستيان. ويستعين الفريق بدوريات مراقبة لمكافحة الصيد الجائر ومنع القطع غير القانوني للأشجار، ومساعدة المجتمعات على تحقيق الاستفادة المثلى من الموارد الطبيعية، كإنتاج العسل وتصنيع زبدة الشيا، والتشجيع على اعتماد أساليب جديدة لإنتاج الخضروات وإدارة الثروة الحيوانية بفعالية.
إضافة إلى ذلك، أنشأ البرنامج إطاراً قانونياً جديداً لتنظيم عملية تشغيل المحمية الوطنية وتأمينها على المدى البعيد. ويعمل سيباستيان عن كثب مع مؤسسة التمويل الدولية والعديد من الوزراء لإنجاز الاتفاقيات الإدارية اللازمة وتحسين الطريقة التي تدير بها غينيا المحميات الوطنية على المدى الطويل.
تولى سيباستيان منصبه منذ سبتمبر 2022، إلا أنه عمل في المشروع على فترات متقطعة منذ مدة طويلة. وعن ذلك قال سيباستيان: "قبل خمسة عشر عاماً، كنت عضواً في الفريق الذي صمم خطة مشروع الموازنة وحدد الموقع الحالي لمحمية موين - بافينغ الوطنية، وتوليتُ مهام الدراسة الأساسية التي أُجريت على قرود الشمبانزي للحصول على ترخيص شركة غينيا ألومينا".
إلى جانب عمله في شركة التعدين، يُعد سيباستيان أحد الناشطين في مجال الحفاظ على البيئة، وهو حاصل على درجة الماجستير في علم البيولوجيا الجزيئية من جامعة لوند السويدية عام 1997، والدكتوراه من جامعة لوزان السويسرية عام 2004، إضافة إلى درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة جلاسكو الأسكتلندية عام 2008.
"تتميز محمية موين - بافينغ الوطنية باستثمار شركات التعدين فيها معاً، وهو مشروع الموازنة البيولوجية الوحيد من نوعه الذي يختص بقرود الشمبانزي في العالم".
تلتزم شركة غينيا ألومينا بإنفاق 28 مليون دولار لدعم تطوير محمية موين - بافينغ الوطنية. وتتعاون الشركة في هذا المشروع منذ عام 2007 مع حكومة غينيا ومركز جينوميات التنوع البيولوجي (CBG) ومؤسسة التمويل الدولية ومؤسسة الشمبانزي البري.